مرض النقرس – أسبابه، أعراضه، وعلاجه

 مرض النقرس – أسبابه، أعراضه، وعلاجه

مقدمة

النقرس، المعروف تاريخيًا بـ"داء الملوك"، هو أحد أمراض التهاب المفاصل الشائعة التي تصيب نسبة كبيرة من البالغين، خاصةً من الرجال. يتميز هذا المرض بنوبات من الألم الحاد، والتورم، واحمرار في المفاصل، ويعدّ تراكم حمض اليوريك في الجسم هو السبب الرئيسي للإصابة به. رغم أن النقرس قد يبدو بسيطًا في مراحله الأولى، إلا أن إهمال العلاج يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، ويؤثر على جودة حياة المصابين. في هذا المقال، نستعرض أعراض النقرس، أسبابه، والعلاجات المتاحة، مع تسليط الضوء على بعض النصائح للتعايش مع المرض.


ما هو مرض النقرس؟

النقرس هو شكل من أشكال التهاب المفاصل الناتج عن زيادة مستوى حمض اليوريك في الدم. عندما يتراكم حمض اليوريك بشكل مفرط في الجسم، تتكون بلورات منه تترسب في المفاصل والأنسجة المحيطة بها، مما يؤدي إلى التهابها ويسبب الألم. غالبًا ما تبدأ نوبات النقرس في مفصل إصبع القدم الكبير، لكنها قد تؤثر أيضًا على الكاحلين، الركبتين، الرسغين، والمرفقين.


أسباب النقرس

ينشأ النقرس نتيجة تفاعل معقد بين عدة عوامل، ومن أبرز الأسباب:

  1. زيادة حمض اليوريك
    يتكون حمض اليوريك عندما يُكسر الجسم مواد تُعرف بالبيورينات الموجودة في العديد من الأطعمة. وعند زيادة حمض اليوريك بشكل كبير في الدم، يتراكم في المفاصل على شكل بلورات حادة تسبب الألم.

  2. العوامل الوراثية
    يلعب التاريخ العائلي دورًا في الإصابة بالنقرس؛ حيث يزيد احتمال الإصابة به لدى الأشخاص الذين لديهم أفراد من العائلة مصابين به.

  3. النظام الغذائي
    الأطعمة الغنية بالبيورينات، مثل اللحوم الحمراء، الأسماك، والمأكولات البحرية، والمشروبات الكحولية، تساهم في زيادة مستوى حمض اليوريك، مما يزيد من خطر الإصابة بالنقرس.

  4. زيادة الوزن والسمنة
    تؤدي السمنة إلى زيادة ضغط الجسم على المفاصل، وتزيد من إنتاج حمض اليوريك مما يزيد من خطر الإصابة بالنقرس.

  5. بعض الأدوية
    تسهم بعض الأدوية، مثل مدرات البول وأدوية خفض ضغط الدم، في زيادة تركيز حمض اليوريك في الدم، ما يزيد من احتمالية الإصابة بالنقرس.

  6. بعض الحالات الصحية
    هناك بعض الحالات التي تزيد من خطر الإصابة بالنقرس، مثل ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري، وأمراض الكلى، حيث تساهم في تقليل قدرة الجسم على التخلص من حمض اليوريك.


أعراض النقرس

عادةً ما تظهر أعراض النقرس بشكل مفاجئ ومؤلم، وقد تشمل:

  1. آلام حادة في المفاصل
    تتميز نوبات النقرس بألم شديد في المفاصل، وخاصةً مفصل إصبع القدم الكبير، وقد يمتد الألم ليشمل مفاصل أخرى مثل الكاحلين والركبتين.

  2. احمرار وتورم المفاصل
    تصبح المفاصل المصابة حمراء ومتورمة، وتبدو أكثر دفئًا عند لمسها.

  3. الشعور بالحرارة في المفاصل
    ينتج عن الالتهاب ارتفاع في حرارة المفصل المصاب، مما يعطي إحساسًا بالحرقان حول المنطقة المصابة.

  4. التيبس في المفاصل
    يؤدي تراكم البلورات في المفاصل إلى التيبس، ما يجعل الحركة صعبة ومؤلمة، وقد يستمر هذا العرض لعدة أيام بعد انتهاء النوبة.

  5. تشكل العقيدات
    في بعض الحالات المتقدمة، تتراكم بلورات حمض اليوريك تحت الجلد في شكل عقيدات تُعرف بـ"التوفة"، وتظهر غالبًا في الأصابع والأذنين.


تشخيص النقرس

لتشخيص النقرس، يُجري الطبيب مجموعة من الفحوصات تشمل:

  1. الفحص السريري
    يقوم الطبيب بتقييم الأعراض، وتاريخ المريض، والأماكن المصابة.

  2. تحليل الدم
    يقيس مستوى حمض اليوريك في الدم، حيث يمكن أن تكون نسبة مرتفعة مؤشرًا للنقرس.

  3. تحليل سائل المفصل
    يتم أخذ عينة من سائل المفصل المصاب وتحليلها للبحث عن بلورات حمض اليوريك.

  4. التصوير بالأشعة السينية والموجات فوق الصوتية
    تساعد في تقييم التغيرات في المفاصل وكشف تراكم البلورات.


علاج النقرس

يهدف علاج النقرس إلى تخفيف الأعراض والحد من تكرار النوبات وتقليل نسبة حمض اليوريك. وتشمل خيارات العلاج:

  1. الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)
    مثل الإيبوبروفين والنابروكسين، وتُستخدم لتخفيف الألم وتقليل الالتهاب خلال نوبات النقرس.

  2. الكولشيسين
    يُعدّ الكولشيسين من الأدوية الفعّالة في تخفيف الألم والالتهاب خلال نوبات النقرس، لكنه قد يسبب آثارًا جانبية مثل الإسهال.

  3. الكورتيكوستيرويدات
    تُستخدم الكورتيكوستيرويدات مثل البريدنيزون لتقليل الالتهاب والألم، وتُعطى عادةً عن طريق الفم أو الحقن.

  4. الأدوية الخافضة لحمض اليوريك
    تُستخدم بعض الأدوية لتقليل مستوى حمض اليوريك، مثل الألوبيورينول والفيبوكسوستات، مما يساهم في الوقاية من تكرار النوبات.

  5. الأدوية التي تزيد من إفراز حمض اليوريك
    مثل البروبينيسيد، الذي يساعد الكلى في التخلص من حمض اليوريك، مما يقلل من تراكمه.


العلاجات الطبيعية والمنزلية للنقرس

يمكن لبعض العلاجات الطبيعية أن تساعد في التخفيف من أعراض النقرس، ومن أهمها:

  1. شرب كميات كافية من الماء
    يساعد شرب الماء على تقليل تركيز حمض اليوريك، وتحفيز الكلى على التخلص منه.

  2. تجنب الأطعمة الغنية بالبيورينات
    يُنصح بتجنب تناول اللحوم الحمراء، والمأكولات البحرية، والكحول، نظرًا لدورها في زيادة مستويات حمض اليوريك.

  3. التقليل من تناول السكريات
    قد يساهم الحد من تناول السكريات والمشروبات الغازية في تقليل نوبات النقرس.

  4. الحفاظ على وزن صحي
    يلعب الوزن المثالي دورًا مهمًا في تقليل الضغط على المفاصل، كما يساهم في تقليل مستويات حمض اليوريك.

  5. استخدام الثلج
    يمكن استخدام كمادات الثلج لتقليل الألم والاحمرار أثناء النوبات.

  6. تناول الكرز أو عصير الكرز
    تشير بعض الدراسات إلى أن تناول الكرز أو عصيره قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بنوبات النقرس، لاحتوائه على مضادات أكسدة فعّالة.


الوقاية من النقرس

يعتبر الوقاية من النقرس أمرًا ضروريًا لتجنب تفاقم الحالة، وتشمل أهم خطوات الوقاية:

  1. متابعة مستوى حمض اليوريك
    الحفاظ على مستوى حمض اليوريك ضمن الحدود الطبيعية يساعد في الوقاية من النوبات.

  2. اتباع نظام غذائي صحي
    ينبغي التركيز على تناول الخضروات والفواكه والبروتينات النباتية وتجنب الأطعمة الغنية بالبيورينات والدهون المشبعة.

  3. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
    تساعد التمارين في الحفاظ على وزن مثالي وتقليل الضغط على المفاصل.

  4. التقليل من التوتر والضغوط النفسية
    تُعتبر الضغوط النفسية عاملاً قد يزيد من احتمال حدوث النوبات، لذا يُنصح بالتحكم في التوتر.

  5. الابتعاد عن التدخين والكحول
    من الضروري تجنب المشروبات الكحولية التي تزيد من مستوى حمض اليوريك وتؤدي إلى تراكمه.


خاتمة

النقرس هو مرض يمكن التحكم فيه والحد من أعراضه باتباع تعليمات الطبيب والالتزام بنمط حياة صحي. ورغم أن النقرس قد يُسبب نوبات ألم شديدة، إلا أن الوقاية والعلاج المناسبين يلعبان دورًا هامًا في السيطرة على الحالة.

تعليقات