![]() |
التهابات الكبد: دراسة علمية شاملة |
تشير التهابات الكبد إلى التهاب في الكبد. وعندما يكون هذا الالتهاب ناتجًا عن فيروس، يُطلق عليه اسم التهاب الكبد الفيروسي. وعندما يكون السبب هو الإفراط في استهلاك الكحول أو استخدام بعض الأدوية، يُسمى التهاب الكبد السمي. وتعد الأنواع الفيروسية أكثر الأنواع إثارة للقلق بسبب انتشارها الوبائي والمعدل المرتفع للوفيات الذي تسببه. حيث يتسبب التهاب الكبد B و C في حالات مزمنة لعدة ملايين من الأشخاص حول العالم، وهما السبب الشائع لتليف الكبد وأمراض السرطان الكبدي. تختلف أسباب التهاب الكبد، مما يؤدي إلى تصنيفه إلى عدة أنواع رئيسية.
أنواع التهابات الكبد

التهاب الكبد الفيروسي A
- فيروس الكبد A:
كيفية انتقال فيروس الكبد A
ينتقل فيروس الكبد A بشكل رئيسي عبر الطريقة الفموية البرازية. يحدث ذلك عندما يتناول الشخص طعامًا أو ماءً ملوثًا بالفيروس نتيجة تلوثه بالبراز الذي يحتوي على الفيروس. وتشمل المصادر الشائعة للعدوى:
- الأطعمة غير المطهية بشكل جيد أو التي تم تحضيرها في بيئة ملوثة.
- المياه الملوثة.
- الاتصال المباشر مع شخص مصاب، خاصة في الأماكن التي تفتقر إلى النظافة.
يُعد الأكثر شيوعًا ويحدث بسبب عدوى فيروسية. تشمل الأنواع الرئيسية:
أعراض فيروس الكبد A
عادةً ما تكون الإصابة بفيروس الكبد A حادّة، مما يعني أن الأعراض تظهر فجأة وتستمر لفترة قصيرة. تشمل الأعراض الشائعة:
- التعب العام والشعور بالإرهاق.
- فقدان الشهية والغثيان.
- ألم في البطن، وخاصة في الجهة العليا اليمنى من البطن (حيث يوجد الكبد).
- اليرقان (اصفرار الجلد والعينين).
- بول داكن.
- براز شاحب.

على الرغم من أن أعراض التهاب الكبد A قد تكون مزعجة، إلا أنها عادةً ما تختفي في غضون أسابيع قليلة، ولا تترك تأثيرًا طويل الأمد. الشفاء الكامل من الإصابة بفيروس الكبد A يحدث في معظم الحالات دون الحاجة إلى علاج طبي متخصص.
تشخيص فيروس الكبد A
لتشخيص التهاب الكبد A، يقوم الأطباء عادةً بإجراء فحوصات دم للكشف عن الأجسام المضادة الخاصة بالفيروس (IgM anti-HAV)، التي تشير إلى الإصابة النشطة بالفيروس. يمكن أيضًا قياس مستوى إنزيمات الكبد في الدم، حيث يمكن أن تشير المستويات المرتفعة إلى وجود التهاب في الكبد.
العلاج والتعافي
لا يوجد علاج محدد أو دواء مخصص لفيروس الكبد A، حيث أن العلاج يركز في الغالب على التخفيف من الأعراض ودعم الراحة العامة للمريض. من أهم النصائح:
- الراحة التامة.
- شرب الكثير من السوائل لتجنب الجفاف.
- تناول وجبات خفيفة ومتوازنة لتسهيل عملية الهضم.
في معظم الحالات، يشفى المصابون من الفيروس خلال فترة تتراوح بين 2 إلى 6 أسابيع. بعد الشفاء، يحصل المريض على مناعة دائمة ضد فيروس الكبد A، مما يعني أنه لا يمكن أن يصاب بالفيروس مرة أخرى.
الوقاية من فيروس الكبد A
أفضل وسيلة للوقاية من الإصابة بفيروس الكبد A هي التطعيم. يوجد لقاح فعال ضد فيروس الكبد A يُوصى به في بعض الحالات مثل:
- المسافرون إلى مناطق ذات معدلات عالية من الإصابة بالفيروس.
- الأشخاص الذين يتعاملون مع أطعمة أو مياه ملوثة.
- الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة تؤثر على الكبد.
بالإضافة إلى التطعيم، تعتبر ممارسات النظافة الشخصية مثل غسل اليدين جيدًا بعد استخدام الحمام أو التعامل مع الطعام من الإجراءات الوقائية الهامة التي تقلل من خطر الإصابة بالفيروس.
فيروس الكبد B (HBV)
فيروس الكبد B هو نوع من الفيروسات التي تسبب التهابًا في الكبد ويمكن أن يؤدي إلى أمراض خطيرة مثل التهاب الكبد المزمن، وتشمع الكبد، وسرطان الكبد. يعتبر فيروس الكبد B من الأمراض التي يمكن أن تنتقل بسهولة من شخص إلى آخر، ومن المهم أن تكون هناك استراتيجيات وقائية وعلاجية للحد من انتشاره.

كيفية انتقال فيروس الكبد B
ينتقل فيروس الكبد B عن طريق الدم والسوائل الجسدية. تشمل طرق الانتقال الأكثر شيوعًا:
- الاتصال الجنسي غير المحمي مع شخص مصاب.
- مشاركة الأدوات الشخصية مثل شفرات الحلاقة أو فرش الأسنان مع شخص مصاب.
- التعرض للدم الملوث في بيئات مثل المستشفيات أو مراكز الرعاية الصحية.
- من الأم إلى الطفل أثناء الولادة، وهي الطريقة الأكثر شيوعًا للإصابة عند الرضع.
فيروس الكبد B لا يُنتقل عن طريق الطعام أو الماء أو الاتصال العادي مثل المصافحة أو العناق.
أعراض فيروس الكبد B
في كثير من الحالات، يمكن أن تكون الإصابة بفيروس الكبد B صامتة في البداية. قد لا تظهر الأعراض لفترة طويلة حتى يسبب الفيروس تلفًا للكبد. ومع ذلك، عندما تظهر الأعراض، يمكن أن تكون شديدة وتتضمن:
- اليرقان (اصفرار الجلد وبياض العينين).
- التعب الشديد.
- فقدان الشهية.
- ألم في البطن، خاصة في الجزء العلوي الأيمن حيث يوجد الكبد.
- الغثيان والقيء.
- بول داكن.
- براز شاحب.
عادةً ما تكون هذه الأعراض أكثر وضوحًا في الحالات الحادة، بينما يمكن أن تكون الحالات المزمنة غير مصحوبة بأعراض واضحة في المراحل الأولى.
تشخيص فيروس الكبد B
يتم تشخيص الإصابة بفيروس الكبد B عن طريق إجراء فحوصات دم للكشف عن وجود الفيروس أو الأجسام المضادة الخاصة به. من بين الاختبارات التي قد يتم إجراؤها:
- اختبار الأجسام المضادة للفيروس (HBsAg): يكشف هذا الاختبار عن وجود الفيروس في الدم.
- الاختبارات الأخرى التي يمكن أن تقيس مستويات الإنزيمات الكبدية (ALT و AST) وتساعد في تقييم مستوى الضرر الذي يلحق بالكبد.
علاج فيروس الكبد B
في حال الإصابة بفيروس الكبد B، قد لا يحتاج المرضى المصابون بالعدوى الحادة إلى علاج مباشر لأن الفيروس في الغالب يشفى من تلقاء نفسه خلال عدة أشهر. أما في حالات التهاب الكبد المزمن، فقد يحتاج المرضى إلى علاج مستمر. العلاج يركز بشكل أساسي على:
- الأدوية المضادة للفيروسات: مثل التينوفوفير و اللمبدين، التي يمكن أن تساعد في تقليل تكاثر الفيروس وتقليل الضرر الذي يلحق بالكبد.
- زراعة الكبد: في الحالات الشديدة من التشمع أو سرطان الكبد، قد يكون زرع الكبد هو الخيار الوحيد لعلاج المرض.
- المراقبة المنتظمة: للحالات المزمنة، يشمل ذلك متابعة مستويات الإنزيمات الكبدية وفحص الكبد بشكل دوري لمراقبة أي علامات لحدوث تليف أو سرطان الكبد.
الوقاية من فيروس الكبد B
أفضل وسيلة للوقاية من الإصابة بفيروس الكبد B هي التطعيم. اللقاح ضد فيروس الكبد B فعال بنسبة عالية في الوقاية من العدوى. يتم إعطاء اللقاح عادةً على ثلاث جرعات تمتد على عدة أشهر. يُوصى بتلقي اللقاح للأشخاص الذين:

- يعملون في المجال الصحي أو الذين يتعاملون مع الدم.
- الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات معدلات مرتفعة من العدوى.
- الأشخاص الذين لديهم شركاء جنسيون متعددون.
- الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن.
- المواليد الجدد من الأمهات المصابات بالفيروس.
بالإضافة إلى التطعيم، يمكن أن تساعد ممارسات الوقاية الأخرى في تقليل مخاطر الإصابة مثل:
- استخدام الواقيات الجنسية لتقليل خطر انتقال الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي.
- تجنب مشاركة الأدوات الشخصية مثل شفرات الحلاقة أو فرش الأسنان.
- تجنب التعرض للدم الملوث.
مآل فيروس الكبد B
إذا لم يُعالج فيروس الكبد B بشكل مناسب، قد يؤدي إلى تطور التهاب الكبد المزمن الذي يمكن أن يتسبب في تشمع الكبد أو سرطان الكبد. ومع ذلك، إذا تم تشخيص المرض في مراحله المبكرة وتمت المتابعة المنتظمة والعلاج، يمكن للأشخاص المصابين بالتهاب الكبد B العيش حياة طبيعية ومنتجة.

فيروس الكبد C (HCV)
فيروس الكبد C (HCV) هو فيروس يسبب التهابًا في الكبد، وقد يتطور إلى التهاب كبد مزمن يؤدي إلى تليف الكبد، و سرطان الكبد في حال عدم علاجه. يعتبر فيروس الكبد C أحد الأسباب الرئيسية للأمراض الكبدية في جميع أنحاء العالم، وهو يشكل تهديدًا صحيًا كبيرًا، حيث قد يتسبب في تلف الكبد بشكل تدريجي، وأحيانًا من دون ظهور أعراض ملحوظة لفترات طويلة.

كيفية انتقال فيروس الكبد C
ينتقل فيروس الكبد C بشكل رئيسي عن طريق الدم الملوث، وتعتبر الطرق التالية هي الأكثر شيوعًا لانتقال الفيروس:
- مشاركة الإبر أو الأدوات المستخدمة في تعاطي المخدرات عن طريق الحقن.
- نقل الدم الملوث (قبل اتخاذ تدابير الفحص في بنوك الدم).
- التعرض للدم في بيئة الرعاية الصحية، مثل جروح غير معقمة أو أدوات طبية ملوثة.
- من الأم إلى الطفل أثناء الولادة (وإن كانت هذه الحالة نادرة).
فيروس الكبد C لا ينتقل عن طريق الاتصال العادي مثل المصافحة أو العناق أو عبر الطعام والماء.
أعراض فيروس الكبد C
العديد من المصابين بفيروس الكبد C لا تظهر لديهم أعراض في المراحل المبكرة، مما يجعل الفيروس يسمى أحيانًا "العدو الصامت". قد يظل الشخص المصاب بدون أعراض لفترات طويلة (قد تصل إلى عدة سنوات)، لكن الفيروس قد يكون يسبب تلفًا تدريجيًا للكبد. عندما تظهر الأعراض، فإنها تشمل:
- اليرقان (اصفرار الجلد وبياض العينين).
- التعب الشديد.
- ألم في البطن أو الشعور بعدم الراحة في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
- فقدان الشهية.
- غثيان وقيء.
- بول داكن.
- براز شاحب.
- حكة جلدية.
قد تظهر الأعراض عندما يتسبب الفيروس في التهاب حاد أو عندما تتفاقم الحالة إلى التهاب مزمن يؤثر على الكبد.
تشخيص فيروس الكبد C
لتشخيص الإصابة بفيروس الكبد C، يتم إجراء سلسلة من الاختبارات الدموية، التي تشمل:
- اختبار الأجسام المضادة لفيروس الكبد C (Anti-HCV): هذا الاختبار يكشف عن وجود الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم استجابة للإصابة بالفيروس. ومع ذلك، إذا كان هذا الاختبار إيجابيًا، فهذا يعني أن الشخص قد تعرض للفيروس في الماضي، ولكن لا يعني بالضرورة أنه مصاب حاليًا.
- اختبار الحمض النووي الفيروسي (HCV RNA PCR): يقيس هذا الاختبار كمية الفيروس في الدم ويؤكد ما إذا كان الفيروس نشطًا في الجسم. يساعد هذا الاختبار في تحديد إذا كانت الإصابة مزمنة.
- فحص الجينوتيب: يساعد في تحديد نوع الفيروس الموجود (أي الجينوتيب)، وهو أمر مهم لاختيار العلاج الأنسب.
- اختبارات وظائف الكبد: تقيس مستويات الإنزيمات الكبدية (مثل ALT و AST) لتقييم مستوى الضرر الذي لحق بالكبد.
- الخزعة الكبدية أو التصوير بالرنين المغناطيسي: في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة لتقييم تلف الكبد بشكل أكثر دقة.

علاج فيروس الكبد C
في السابق، كان علاج فيروس الكبد C يعتمد على الأدوية التي تشمل الإنترفيرون و الريبافيرين، وكان العلاج طويل الأمد ويترافق مع آثار جانبية غير مرغوب فيها. لكن في السنوات الأخيرة، أحدثت الأدوية المضادة لفيروسات الكبد C الحديثة تحولًا كبيرًا في علاج المرض.
الأدوية الحديثة (علاج مباشر):
- تشمل هذه الأدوية الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) مثل سوفوسبوفير (Sofosbuvir)، داسبوفير (Daclatasvir)، و جليتازبوفير (Glecaprevir). هذه الأدوية فعالة للغاية وتسمح للمرضى بالتعافي بشكل أسرع وبأقل آثار جانبية.
- العلاج بجرعات قصيرة، عادةً ما تكون بين 8 إلى 12 أسبوعًا، وله معدل نجاح مرتفع يتجاوز 90%.
- يتم اختيار العلاج بناءً على الجينوتيب (نوع الفيروس) ومدى تليف الكبد.

مزايا العلاج الحديث:
- علاج فعال: يحقق علاج DAAs نسب شفاء عالية (أكثر من 90%)، مما يساهم في القضاء على الفيروس من الجسم.
- أعراض جانبية أقل: بالمقارنة مع العلاجات القديمة مثل الإنترفيرون، فإن الأدوية الحديثة لها آثار جانبية أقل بكثير.
- مدة علاج أقصر: العلاج يستمر عادةً لمدة 8 إلى 12 أسبوعًا.
الوقاية من فيروس الكبد C
لا يوجد لقاح حاليًا للوقاية من فيروس الكبد C، ولكن يمكن اتخاذ بعض التدابير لتقليل خطر الإصابة:
- تجنب مشاركة الإبر أو الأدوات الشخصية التي قد تحتوي على دم ملوث.
- استخدام الواقيات أثناء ممارسة الجنس لتقليل خطر الانتقال عن طريق السائل المنوي.
- التأكد من أن جميع الأدوات الطبية في المستشفيات والمرافق الصحية خالية من التلوث وموثوقة.
- التأكد من أن الدم في بنوك الدم قد تم فحصه للفيروس.
- الفحص المنتظم للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة، مثل مستخدمي المخدرات عن طريق الحقن، أو الأشخاص الذين لديهم شريك جنسي متعدد أو الذين قد خضعوا لعمليات نقل دم في الماضي.
مآل فيروس الكبد C
إذا تم تشخيص فيروس الكبد C في وقت مبكر وتم علاجه بشكل مناسب، يمكن تجنب معظم المضاعفات الخطيرة مثل التليف الكبدي و سرطان الكبد. ومع ذلك، إذا تُركت العدوى دون علاج، فقد يتطور الفيروس إلى مرض كبدي مزمن، مما يؤدي في النهاية إلى فشل الكبد أو الحاجة إلى زراعة الكبد.
تعمل العلاجات الحديثة على تقليل المخاطر بشكل كبير وتحقيق نسب شفاء مرتفعة، مما يساهم في تحسين نوعية حياة المرضى. من المهم أن يتلقى الأشخاص المعرضون للإصابة بالفيروس فحوصات دورية لتشخيص المرض في مراحله المبكرة.
التهاب الكبد الكحولي
التهاب الكبد الكحولي هو حالة التهابية في الكبد ناتجة عن استهلاك الكحول المفرط والمتكرر على مدار فترة طويلة. يعتبر التهاب الكبد الكحولي أحد الأسباب الرئيسية للأمراض الكبدية في جميع أنحاء العالم، وهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بإدمان الكحول. يتراوح التهاب الكبد الكحولي بين التهاب خفيف قد يتحسن مع الامتناع عن شرب الكحول، وبين حالات أكثر شدة قد تؤدي إلى تليف الكبد أو حتى فشل كبدي حاد في بعض الحالات.
أسباب التهاب الكبد الكحولي
يعد الكحول السبب الرئيس للإصابة بالتهاب الكبد الكحولي. يسبب الكحول تلفًا مباشرًا لخلايا الكبد ويؤدي إلى تفاعلات التهابية. تتعدد الآليات التي يؤثر بها الكحول على الكبد:
- التحولات الأيضية للكحول: عندما يتم استهلاك الكحول، يقوم الكبد بتكسيره إلى مادة تُسمى "أسيتالدهيد" وهي مادة سامة تساهم في إلحاق الضرر بالخلايا الكبدية.
- إنتاج الجذور الحرة: يسبب الكحول زيادة إنتاج الجذور الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة يمكن أن تؤدي إلى تلف الخلايا الكبدية.
- زيادة الإنتاج الدهني: الكحول يسبب أيضًا زيادة في إنتاج الدهون داخل الكبد، مما يؤدي إلى تراكم الدهون في خلايا الكبد ويساهم في تطور مرض الكبد الدهني.
- التفاعلات الالتهابية: الكحول يثير استجابة مناعية في الجسم تؤدي إلى التهاب مزمن في الكبد، وقد يتطور الأمر إلى التهاب حاد في الكبد.
العوامل المؤثرة في تطور التهاب الكبد الكحولي
الاستجابة للإصابة بالكحول ليست متماثلة لدى جميع الأفراد. هناك العديد من العوامل التي تؤثر في مدى تطور التهاب الكبد الكحولي ومدى شدة الإصابة:
- كمية الكحول: الاستهلاك المزمن للكحول هو العامل الأساسي، لكن الكمية والنمط الزمني للاستهلاك لهما تأثير كبير.
- المدة الزمنية: عادةً ما يتطلب الأمر استهلاك الكحول بشكل مستمر لمدة عدة سنوات لكي يظهر التهاب الكبد الكحولي. قد تتراوح الأعراض من خفيفة إلى شديدة.
- العوامل الوراثية: تم تحديد بعض الجينات التي قد تزيد من تعرض الشخص للإصابة بالتهاب الكبد الكحولي، مثل تلك التي ترتبط بقدرة الكبد على معالجة الكحول.
- الجنس: النساء يكونون أكثر عرضة لتطوير التهاب الكبد الكحولي مقارنة بالرجال بسبب اختلافات في الأيض وقدرة الجسم على التعامل مع الكحول.
- العوامل البيئية والصحية: وجود أمراض أخرى مثل فيروس التهاب الكبد B أو C أو السكري قد يزيد من خطر تطور التهاب الكبد الكحولي.

أعراض التهاب الكبد الكحولي
تتراوح أعراض التهاب الكبد الكحولي من خفيفة إلى شديدة، وقد تشمل:
- اليرقان (اصفرار الجلد والعينين).
- ألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
- الغثيان والقيء.
- فقدان الشهية.
- تعب شديد وضعف عام.
- تورم في القدمين أو البطن (الاستسقاء).
- ارتفاع درجة الحرارة.
في الحالات الشديدة، يمكن أن يعاني المريض من فشل كبدي حاد، مما قد يؤدي إلى غيبوبة كبدية أو موت.
تشخيص التهاب الكبد الكحولي
يعتمد التشخيص على الجمع بين التاريخ الطبي والفحص السريري والاختبارات المخبرية. يشمل التشخيص:
- التاريخ الطبي: الاستفسار عن استهلاك الكحول وعوامل أخرى مثل الأمراض المصاحبة.
- الفحص البدني: يمكن أن يظهر الفحص السريري دلائل على اليرقان، تضخم الكبد، الاستسقاء، أو علامات أخرى للتليف الكبدي.
- اختبارات وظائف الكبد: مثل قياس مستويات الأنزيمات الكبدية (AST و ALT)، والتي عادة ما تكون مرتفعة في حالات التهاب الكبد الكحولي. نسبة مرتفعة من AST مقارنة بـ ALT تشير غالبًا إلى التهاب كبد كحولي.
- اختبار الألبومين: انخفاض مستويات الألبومين في الدم قد يشير إلى تدهور وظيفة الكبد.
- اختبارات الفيروسات الكبدية: لتحديد ما إذا كان هناك فيروس آخر يساهم في تدهور الحالة مثل التهاب الكبد B أو C.
- الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): لتحديد درجة الإصابة وتلف الكبد.
- الخزعة الكبدية: في بعض الحالات، قد يكون من الضروري أخذ خزعة كبدية لتحديد درجة الالتهاب ووجود التليف الكبدي.
علاج التهاب الكبد الكحولي
يتمحور علاج التهاب الكبد الكحولي حول إيقاف استهلاك الكحول وتقديم الرعاية الداعمة لتحسين وظيفة الكبد. يشمل العلاج:
- إيقاف استهلاك الكحول:
- الكورتيكوستيرويدات: يمكن استخدام الأدوية مثل البريدنيزون لتقليل الالتهاب الكبدوي في الحالات الحادة.
- العلاج المضاد للأوكسدة: مثل الأسيتيل سيستئين و الفيتامينات قد يكون لها تأثير وقائي.
- الطب الداعم: مثل مضادات الفيروسات إذا كان هناك إصابة مشتركة بفيروسات كبدية أخرى.
- زراعة الكبد: في الحالات الشديدة أو في حالة تطور التليف الكبدي أو الفشل الكبدي، قد تكون زراعة الكبد خيارًا للعلاج.
الوقاية
أفضل طريقة للوقاية من التهاب الكبد الكحولي هي تقليل أو إيقاف استهلاك الكحول. ينصح بتحديد كمية الكحول التي يتم تناولها لتجنب المشاكل الصحية الناجمة عن الاستهلاك المفرط.
- النساء: لا ينبغي أن تتجاوز كمية الكحول 14 وحدة كحولية أسبوعيًا.
- الرجال: لا ينبغي أن يتجاوز تناول الكحول 21 وحدة كحولية أسبوعيًا.
من المهم أيضًا الحفاظ على نمط حياة صحي بما في ذلك النظام الغذائي المتوازن و ممارسة الرياضة للحفاظ على صحة الكبد.
التهاب الكبد المناعي الذاتي (Autoimmune Hepatitis)
التهاب الكبد المناعي الذاتي هو مرض مزمن يتميز بالتهاب في الكبد نتيجة لاستجابة مناعية غير طبيعية حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا الكبد، مُسببًا تلفًا تدريجيًا. يتسبب هذا المرض في تدهور وظائف الكبد، مما يؤدي في بعض الحالات إلى تليف الكبد وفشل كبدي. يُعد التهاب الكبد المناعي الذاتي من الأمراض النادرة التي تؤثر بشكل رئيسي على النساء في سن الإنجاب، ولكن يمكن أن يصيب الأشخاص من جميع الأعمار والأجناس.
الأسباب والعوامل المؤدية للإصابة بالتهاب الكبد المناعي الذاتي
على الرغم من أن السبب الدقيق للإصابة بالتهاب الكبد المناعي الذاتي غير معروف بشكل كامل، إلا أن هناك عوامل متعددة يُعتقد أنها تلعب دورًا في تطور المرض:
العوامل الوراثية:
- هناك دليل على وجود استعداد وراثي للإصابة بالتهاب الكبد المناعي الذاتي. تشير الدراسات إلى أن هناك ارتباطًا بين المرض وبعض الجينات المتعلقة بالجهاز المناعي، مثل الجينات التي ترتبط بمستضدات الكريات البيضاء البشرية (HLA). وهذا يشير إلى أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي لهذا المرض أو لديهم جينات معينة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به.
العوامل البيئية:
- قد تساهم عوامل بيئية مختلفة في تحفيز الاستجابة المناعية غير الطبيعية، مثل الفيروسات (فيروسات التهاب الكبد A أو C)، التسمم بالمواد الكيميائية أو الأدوية، أو حتى التعرض لبعض الملوثات.
الاضطرابات المناعية:
- التهاب الكبد المناعي الذاتي يُعتبر من الأمراض التي ترتبط بخلل في جهاز المناعة، حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا الجسم الطبيعية على الرغم من أنها غير ضارة. قد يكون هذا الهجوم مرتبطًا بأمراض مناعية أخرى، مثل داء السكري من النوع الأول أو التهاب الغدة الدرقية.
الأعراض والعلامات السريرية
تختلف أعراض التهاب الكبد المناعي الذاتي من شخص لآخر وقد تتطور تدريجيًا. في بعض الحالات، قد يكون المرض بدون أعراض لفترات طويلة. تشمل الأعراض والعلامات الرئيسية ما يلي:
- الإعياء العام: أحد الأعراض الشائعة في جميع حالات التهاب الكبد المناعي الذاتي.
- اليرقان (اصفرار الجلد والعينين): يظهر نتيجة لتراكم البيليروبين بسبب ضعف وظيفة الكبد.
- ألم في البطن: يحدث عادة في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
- التورم (وذمة) في الساقين أو البطن بسبب تراكم السوائل.
- فقدان الوزن غير المبرر وفقدان الشهية.
- احمرار راحتي اليدين.
- الطفح الجلدي: خاصة الطفح الذي يشبه حب الشباب أو الأكزيما.
- مشاكل نفسية: مثل الاكتئاب أو تقلبات المزاج.
في بعض الحالات، قد يتفاقم المرض بشكل مفاجئ مما يؤدي إلى حدوث فشل كبدي حاد.
التشخيص
يعتمد تشخيص التهاب الكبد المناعي الذاتي على مجموعة من العوامل بما في ذلك التاريخ الطبي للمريض، الفحص السريري، والاختبارات المخبرية. تشمل الخطوات الرئيسية لتشخيص التهاب الكبد المناعي الذاتي:
- اختبارات وظائف الكبد: تظهر مستويات مرتفعة من الأنزيمات الكبدية مثل AST و ALT. هذه الاختبارات تساعد في تحديد شدة التليف والتلف الكبدي.
- الأجسام المضادة:
- الأجسام المضادة للنواة (ANA): تظهر في الغالب لدى مرضى التهاب الكبد المناعي الذاتي.
- الأجسام المضادة للعضلات الملساء (SMA): تشاهد أيضًا في معظم الحالات.
- الأجسام المضادة للخلايا الكبدية: يمكن أن تكون إيجابية في حالات معينة.
الاختبارات الفيروسية: يتم إجراء اختبارات للكشف عن الفيروسات التي قد تسبب التهابات كبدية أخرى، مثل فيروسات التهاب الكبد B و C، والتي قد تتداخل مع التشخيص.
التصوير الطبي: قد يُستخدم التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي لتحديد حجم الكبد وحالة التليف.
علاج التهاب الكبد المناعي الذاتي
العلاج الرئيسي لالتهاب الكبد المناعي الذاتي يعتمد على استخدام الأدوية التي تثبط جهاز المناعة. تشمل الخيارات العلاجية:
- الكورتيكوستيرويدات: مثل البريدنيزون، وهي الأدوية الأكثر استخدامًا في علاج التهاب الكبد المناعي الذاتي. تعمل على تقليل الالتهاب وتثبيط الاستجابة المناعية.يُعتبر العلاج بالكورتيكوستيرويدات فعالًا في تقليل الالتهاب وتحسين وظيفة الكبد في العديد من الحالات، ولكنه قد يسبب آثارًا جانبية عند الاستخدام لفترات طويلة.
- أدوية مثبطة للمناعة: إذا كانت الأعراض لا تتحسن مع الكورتيكوستيرويدات أو في حالة وجود آثار جانبية غير محتملة، قد يتم استخدام أدوية مثبطة للمناعة مثل الأزاثيوبرين أو الميثوتريكسات، التي تعمل على تقليل نشاط جهاز المناعة بشكل عام.
- الأدوية البيولوجية: في بعض الحالات الصعبة، قد يُستخدم علاج بيولوجي مثل التوكيليزوماب الذي يعمل على استهداف مستقبلات خاصة في الخلايا المناعية.
- علاج إضافي: بالإضافة إلى العلاج الأساسي، قد يحتاج المرضى إلى رعاية داعمة مثل تحسين التغذية وإدارة المضاعفات المرتبطة بالمرض مثل التورم أو النزيف.
- زراعة الكبد: في حالات الفشل الكبدي المتقدم، قد يكون زرع الكبد هو الحل الوحيد للبقاء على الحياة.
التوقعات والمآل
التهاب الكبد المناعي الذاتي هو مرض مزمن يمكن أن يتفاقم إذا لم يُعالج بشكل فعال. مع العلاج المناسب، يمكن للعديد من المرضى أن يحققوا تحسنًا ملحوظًا في وظائف الكبد وجودة الحياة. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي المرض إلى تليف الكبد و فشل الكبد في حالة عدم استجابة المرضى للعلاج أو في حال تم التشخيص في مراحل متقدمة.
يُعد التشخيص المبكر والتزام المريض بالعلاج من العوامل الحاسمة في تحسين مآل المرض. يجب على المرضى متابعة العلاج بانتظام وإجراء فحوصات مستمرة لضمان استجابة الجسم للعلاج والوقاية من المضاعفات.
العلاج والتدبير
يعتمد العلاج على نوع التهاب الكبد. بالنسبة للتهاب الكبد الفيروسي، تشمل العلاجات مضادات الفيروسات. التهاب الكبد المناعي الذاتي يمكن علاجه باستخدام الكورتيكوستيرويدات لتثبيط الجهاز المناعي. أما التهاب الكبد الكحولي، فإن الامتناع عن تناول الكحول هو العلاج الرئيسي.
التعايش والوقاية
الوقاية من التهابات الكبد تتطلب التعليم والتوعية. التطعيمات متاحة ضد فيروس الكبد A وB، ويجب تعزيز ممارسات النظافة والتعامل السليم مع الدم والمواد الكيميائية. يُنصح بتبني نمط حياة صحي، بما في ذلك التغذية المتوازنة والنشاط البدني، للمساعدة في الوقاية من التهاب الكبد غير الكحولي.
الخاتمة

تعد التهابات الكبد تحديًا صحيًا كبيرًا، ويتطلب فهمها الدقيق واتباع أساليب الوقاية والعلاج المناسب لتحسين النتائج. من خلال التوعية بالكشف المبكر عن المرض واتباع نمط حياة صحي، يمكن أن يتم تقليل انتشار هذه الحالات وتحسين جودة الحياة للمصابين.