أسباب اضطراب الدورة الشهرية

 

أسباب اضطراب الدورة الشهرية

تعتبر الدورة الشهرية جزءاً طبيعياً من حياة المرأة، وهي تعكس صحة جسمها ونظامها الهرموني. ومع ذلك، قد تواجه بعض النساء اضطرابات في الدورة الشهرية، مما يمكن أن يسبب القلق ويشير إلى مشاكل صحية محتملة. في هذا المقال، سنستعرض أبرز أسباب اضطراب الدورة الشهرية، ونناقش كيفية التعامل معها.

1. تعريف اضطراب الدورة الشهرية

الاضطرابات في الدورة الشهرية هي مشكلة شائعة تواجه العديد من النساء في مراحل مختلفة من حياتهن. قد تظهر هذه الاضطرابات بأشكال مختلفة مثل الدورة الشهرية غير المنتظمة، أو فترات الحيض الغزيرة أو الخفيفة، أو حتى انقطاع الطمث التام (انقطاع الطمث الأولي أو الثانوي). على الرغم من أن الدورة الشهرية يمكن أن تختلف بشكل طبيعي من امرأة لأخرى، إلا أن هناك العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي قد تؤدي إلى اضطراب هذه الدورة. في هذه المقالة العلمية، سنتناول الأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى اضطرابات الدورة الشهرية، بدءًا من العوامل الهرمونية وصولاً إلى الأمراض المرتبطة بها، وكذلك تأثير العوامل البيئية وأنماط الحياة.

2. الأسباب الشائعة لاضطراب الدورة الشهرية

تعتبر الاضطرابات الهرمونية من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية. تنظم الهرمونات عملية الإباضة، والمرحلة الجريبية، والمرحلة الأصفرية. وأي خلل في هذه الهرمونات قد يؤدي إلى مشكلات في الدورة الشهرية.

2.1. متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS)

من أبرز الحالات التي تسبب اضطرابات هرمونية تؤثر على الدورة الشهرية هي متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS). تعتبر هذه الحالة من أكثر الأسباب شيوعًا لاضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء في سن الإنجاب. في هذه الحالة، يعاني المبيض من عدة أكياس صغيرة تمنع البويضة من النضوج بشكل صحيح، مما يؤدي إلى اضطراب في الإباضة وعدم انتظام الدورة الشهرية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن ترافق هذه المتلازمة أعراض أخرى مثل زيادة نمو الشعر، السمنة، والعقم.

2.2. قصور الغدة الدرقية وفرط نشاط الغدة الدرقية

تلعب الغدة الدرقية دورًا مهمًا في تنظيم العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك الدورة الشهرية. في حالات قصور الغدة الدرقية (عندما لا تنتج الغدة الدرقية ما يكفي من الهرمونات) أو فرط نشاط الغدة الدرقية (عندما تكون الهرمونات مفرطة)، قد تحدث اضطرابات في الدورة الشهرية مثل تأخر الدورة أو انقطاعها تمامًا.

2.3. اضطرابات في هرمون البرولاكتين

البرولاكتين هو هرمون يساعد في تنظيم الرضاعة. في بعض الحالات، قد يحدث إفراز مفرط لهذا الهرمون، مما يؤدي إلى توقف الإباضة واضطرابات في الدورة الشهرية. عادةً ما تكون هذه الاضطرابات ناتجة عن أورام الغدة النخامية التي تفرز البرولاكتين بشكل غير طبيعي.

3. الأمراض والمشكلات الصحية المرتبطة

بالإضافة إلى الاضطرابات الهرمونية، هناك بعض الأمراض التي تؤثر مباشرة أو غير مباشرة على الدورة الشهرية.

3.1. الأورام الليفية الرحمية

الأورام الليفية هي أورام غير سرطانية تنمو في جدار الرحم، ويمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية. غالبًا ما تسبب الأورام الليفية حيضًا غزيرًا ومؤلمًا، ويمكن أن تؤدي إلى عواقب على الخصوبة. في بعض الحالات الشديدة، قد تحتاج المرأة إلى جراحة لإزالة الأورام الليفية.

3.2. التهاب الحوض

يحدث التهاب الحوض نتيجة لعدوى بكتيرية في الأعضاء التناسلية الأنثوية، ويمكن أن يتسبب في اضطرابات في الدورة الشهرية. يمكن أن يسبب التهاب الحوض ألماً شديداً أثناء الدورة الشهرية، وقد يؤدي إلى التهابات مزمنة تؤثر على الدورة الشهرية بشكل دائم.

3.3. الأمراض المزمنة

بعض الأمراض المزمنة مثل مرض السكري، أمراض القلب، أو اضطرابات الأمعاء يمكن أن تؤثر أيضًا على الدورة الشهرية. تتسبب هذه الأمراض في تغييرات في مستويات الهرمونات، مما يؤدي إلى تأخر أو اضطراب الدورة الشهرية.

4. العوامل البيئية ونمط الحياة

تلعب العوامل البيئية ونمط الحياة دورًا هامًا في تنظيم الدورة الشهرية. يمكن أن تؤدي التغييرات في هذه العوامل إلى اضطرابات ملحوظة.

4.1. التوتر النفسي

يعد التوتر النفسي أحد العوامل المؤثرة على الدورة الشهرية. يمكن أن يؤدي الضغط النفسي المستمر إلى تغييرات في مستوى الهرمونات، مما يؤدي إلى تأخير الدورة أو انقطاعها. التوتر يؤثر على محور الهيبوثالاموس والغدة النخامية، مما يؤثر بدوره على المبيضين وإنتاج الهرمونات.

4.2. التغذية والعوامل الغذائية

النظام الغذائي الغني بالأطعمة غير الصحية أو نقص العناصر الغذائية الأساسية يمكن أن يؤثر على الدورة الشهرية. على سبيل المثال، نقص الوزن الشديد أو زيادة الوزن بشكل مفرط يمكن أن يؤدي إلى تغييرات هرمونية تؤثر على انتظام الدورة. انخفاض مستويات الدهون أو زيادة الدهون يمكن أن يؤثر على إنتاج الهرمونات التي تنظم الدورة الشهرية.

4.3. ممارسة الرياضة

ممارسة الرياضة بشكل مفرط أو قلة النشاط البدني قد تؤدي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية. على سبيل المثال، الرياضيون المحترفون الذين يعانون من تدريب مكثف قد يواجهون تغييرات في الدورة الشهرية بسبب انخفاض مستويات الدهون في الجسم وتغيرات هرمونية.

4.4. وسائل منع الحمل

تؤثر بعض وسائل منع الحمل على الدورة الشهرية. على سبيل المثال، حبوب منع الحمل التي تحتوي على الهرمونات قد تجعل الدورة الشهرية أكثر انتظامًا أو قد تؤدي إلى غياب الدورة الشهرية لدى بعض النساء. في حين أن وسائل منع الحمل الأخرى مثل اللولب قد تؤدي إلى زيادة غزارة الحيض.

5. عوامل أخرى تؤثر على الدورة الشهرية

5.1. العمر

تتأثر الدورة الشهرية بعوامل العمر. على سبيل المثال، الفتيات في سن البلوغ قد يواجهن فترات من عدم انتظام الدورة الشهرية في السنوات الأولى من تطورهن. أيضًا، عند اقتراب النساء من سن اليأس، قد تصبح الدورة الشهرية غير منتظمة قبل انقطاعها التام.

5.2. الحمل والرضاعة

الحمل والرضاعة الطبيعية يؤثران بشكل كبير على الدورة الشهرية. أثناء الحمل، تتوقف الدورة الشهرية بشكل كامل، وعند الرضاعة قد تنقطع الدورة لفترة طويلة، خاصةً إذا كانت الأم تقوم بإرضاع طفلها بشكل حصري.

6. كيف يمكن التعامل مع اضطراب الدورة الشهرية؟

أ. زيارة الطبيب

إذا كانت هناك تغييرات ملحوظة في الدورة الشهرية، فمن الضروري استشارة طبيب مختص. يمكن للطبيب إجراء الفحوصات اللازمة لتحديد السبب وراء الاضطرابات، مثل اختبارات الدم أو الأشعة.

ب. إدارة التوتر

تقنيات إدارة التوتر مثل التأمل، اليوغا، أو ممارسة الرياضة يمكن أن تكون فعالة في تقليل الضغوط النفسية وتحسين انتظام الدورة.

ج. الحفاظ على نظام غذائي متوازن

اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يمكن أن يساعد في تحسين الصحة الهرمونية. ينصح بتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن، مثل الفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، والبروتينات.

د. ممارسة الرياضة بانتظام

التمارين الرياضية المنتظمة تعزز من صحة الجسم وتساعد في تحسين تنظيم الدورة الشهرية. يجب مراعاة تجنب الإفراط في ممارسة الرياضة.

هـ. مراقبة الدورة الشهرية

من المهم تتبع الدورة الشهرية وتسجيل أي تغييرات. يمكن استخدام تطبيقات الهواتف الذكية أو الملاحظات الورقية لتسجيل المواعيد، كمية النزيف، وأي أعراض مصاحبة.

7. متى يجب القلق؟

تعتبر بعض التغييرات طبيعية، ولكن هناك علامات تدل على ضرورة زيارة الطبيب، مثل:

  • غياب الدورة الشهرية لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر.
  • تغييرات مفاجئة في كمية الدم، مثل النزيف الغزير أو النزيف الخفيف جداً.
  • ظهور أعراض أخرى مثل الألم الشديد، الحمى، أو فقدان الوزن غير المفسر.

الخاتمة

اضطراب الدورة الشهرية قد يكون نتيجة لعوامل عديدة، منها الهرمونية، النفسية، الصحية، ونمط الحياة. من المهم التعرف على هذه الأسباب والبحث عن العلاج المناسب عند الحاجة. الحفاظ على نمط حياة صحي، وزيارة الطبيب عند الضرورة، يمكن أن يساعد في استعادة الدورة الشهرية إلى طبيعتها وضمان صحة المرأة بشكل عام.

تعليقات